بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 أبريل 2012

ثكلى تحملت وسوريا تألمت




 .. ثكلى تحملت وسوريا تألمت ..


امٌ يئن فؤادها ويحترق شوقها وتعتصر الاّمها وتكابد مرارة الحياة وُظلم اهلها 
امٌ اُنتهكت غرائزها بقتل اطفالها 
امٌ مزقوا جوارحها وشتتوا فؤادها واضنوا مرادها وساوموا على ضعفها وقلة حيلتها باصطياد فلذات اكبادها ومطمح امالها 

امٌ مزقوا امالها وبعثروا وجدانها وحرقوا عزمها وكسروا سلم مجدها
امٌ اضناها تعب الحياة بتربية اولادها واعياها شوق الملاقاة برؤيتهم يكبُرون امام ناظريها ويتنعمون بأخلاق زُرعت بذورها من تحت يديها 
كانت طفلةً تنظر الى الحياة بعين البراءة وترتاد خاطرها بالمحبة والاخلاص 
تمسك طفلتها الصغيرة وترضعها وتلاعبها وتسامرها 
تعلم بفطرتها انها ستصبح اما في يوم من الايام 
تعلم بفطرتها انها سترتادُ اعظم مكانةٍ في هذا العالم برحمتها وعطفها وحنينها الذي وهبها الله تعالى اياه 
استعدت منذ منذ طفولتها لهذه المهمة وابت الا ان تتقمص دور الامومة في طفولتها وتصبغ عليها براءتها وتلتمِس بها رحمتها 
وبعد ان كبُرت نضجت عاطفتها وارتسمت ملامح رحمتها واصبح فؤادها يقطر شوقاً وحنيناً الى هذه الحياة... تنظر الى الحياة بمنظارٍ اُشبع بعذوبة النقاء واستوفى اجمل احاسيس الطُهر والارتقاء 
لا تنظر الى الحياة بمنطقية العقلاء ولا بحكمة البلغاء وانما بمنطقية الرحماء وبإلهامِ الشعراء 
دقت احاسيسها وفاضت مشاعرها وازهرت ثمار شوقها ..... تنتظر فارس احلامها ومنبع الهامها ومُستقر آمالها ومُستودع اسرارها ومُضمِد جروحها والآمها
كل يوم يمر بها تشعر انه يُعانق انفاسها ويُسابق اشواقها ويُسامر اهازيجها 
تنتظره بشوق لكي تهبه بيتاً كاملاً اُسس على البراءة والمحبة والحنين والمودة والرحمة والسكينة  .. كيف لا وقد قذف الله  بها رحمةً جعلتها منبع الحنان لبني البشر 
كيف لا وقد كابدت وعانت لكي ترتقي بنسلنا وتعمُر نفوسنا وتهذب طباعنا 

منحته اسباب السعادة واعطته آمال الريادة وبصرته بمشاعر الصبر والقيادة 
الهمته الصبر في وقت شدته والتفاؤل في يأسه والنجاح في خسارته 
تمسح عنه الاحزان وتبدلها بسعادة واطمئنان 
ركبت معه سفينةَ الحياة بقلبها وقاومت امواج الصراعات بحكمتها وصبرها وقادت المركب بكبريائها وحافظت على مساره بعفتها واخلاصها 
لم تبالي بما يخفيه لها  من عواصف الإعصار وإسهاب الامطار وإعياء الاسفار وإنما اقبلت على الإبحار واقسمت ان تصل الى جزيرة الطُهر والازدهار بمعاناة الكبار وببراءة الصغار 
ما ازكى عتابها اذا اختلط بحزنها وشفقتها وما اعظم كلامها اذا اختلط بصبرها وجمالها وعطائها 

تشعر بطفلها يتقلب في رحم ٍ لم ولن يشعر بالدفئ في يوم ٍمن الايام الا بالرجوع اليه 
تشعر بحركته بسكونه بنبضه برقته بعجزه بشوقه بانسجامه  ااااهٍ يا طفلي
نعم تشعر بكل هذا  لأنها تَعُدُ انفاسها عداً لكي تراه يخرج الى الدنيا سالماً معافا تحتضنه تداعبه تلاطفه تعانقه تسامره تعاتبه 
تعقد عليه الكثير من الآمال وترتجي منه ان يكون قدوةً للرجال وصانعاً للابطال ومجدداً لزمانٍ تجتاحهُ سطوة الظلم وتنتابه ُمرارة الوهن  وتغدوا عليه فتنُ الدهر بالكثير من النزوات والآهات 
طفلٌ جدد عالمها وعقدت عليه آمالها وبشرت به زمانها واوغلت الخوف في نفوس اعدائها 

كل هذا ولا يزال طفلها في رحمها


ما اعظمها وما اعظم قلبها تلك الانسانة .. فلولاها لما وُجدت للحياة اي معنى 
خرج من رحمها وهو يصرخ وكأن الدنيا كلها لم تسعه ولسان حاله يقول : لم اخرج باكيا الا لعلمي بأن رحمك اعظم مستقر لي في هذا الكون  .. الا ترون اني بعد الخروج الى الدنيا لا يهدئُ حالي الا بدفئ احضانها وبرودة انفاسها وعبير شوقها وحلو ابتسامتها ورقة ناظريها  

امي في سوريا 
كل يومٍ يمر بك دهر من الألم 
كل يمر بك تشعرين بحشرجة الانفاس وتوقف القلب والاحساس

قصوا جناحها بقتل زوجها واكدوا جنانها بقتل اطفالها وادموا فؤادها بقتل قومها وقطعوا اوصالها بقتل اباها 
تمر في مخاض اليأس والظلم والعجز والاضطهاد ولكن هذا المخاض سيمنح العالم مجدا وسؤددا ونصرا لطالما ارتقوا به جراء صبرها 

انا ام في سوريا 
فيا امتي حالي هو كحال اي امٍ في هذا العالم 
لي قلبٌ اشعر به 
لي عقلٌ اعي به 
لي ربٌ التجئُ اليه 

فقلبي يفور غليانا على اجرامنا ووحشيتنا وظلمنا واهلاكنا لبعضنا وكأننا وحوش ليل

يتربصون ضعف ضحيتهم فراحوا يطاردونها في ظلمات الليل وراح قلبها يدق خوفا

وانكسار ولكنها واثقة بأن هذه الظلمة لا بد لها من زوالٍ واشراق  وان الكواكب ستشهد

على جريمةٍ اهتزت لقبحها نواميس الكون وارتعشت لمأساتها قلوب الخلائق

نعم يا قومي انني عندما ارى طفل قريبتي يشيع وزوج جارتي ينعى ووالد صديقتي يدفن

وعمي يصلى عليه وابي يُغسل فأنا في هذه الغابة اُطارد

واي عقلٍ يستسيغ فعلكم ايها المجرمون
عقلي ارتحل بعيدا واخذ زاده من الأسى والحرمان والمذلة واثقله هذا الزاد ظلما وحسرةً وحارت به طريقه   فهي ليست كباقي الطرق فتارةً تتيه به وتارةً تتزلزل من تحته وتارةً تتقلب ببصره وتارةً تكون كلها مجتمعةً
فإلى اين الطريق يا عقلي فأنت مأسور لخطيئةٍ ارتكبوها قاتلهم الله

عقلي اٌسر لقلبي وقلبي مأسور لك يا طفلي ..لك يا زوجي..لك ابي ..لكِ يا امي ...لك يا اخي ..لكِ يا سوريا
ولن يتحرر هذا القلب الا بعودتكم وملتقانا في الجنة ان شاء الله يا اهلي 
وانت يا وطني لا بد وان تصبر كصبر قلبي
وانت يا ربي وحدك بقيت لي فقلبي تاه في ممرات الظلم والحسرة وعقلي اُسر له 

يا ربي اليك الملتجا فأنت لن ولم تترك ظلم الظالمن ومكر الماكرين ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )

سنتك في هذا الكون انه مهما اشتدت ظلمة الحياة فلا بد وان تنقشع شمسها ويسطع نورها وتطل علينا برحمتك وعدلك يا رب
اللهم انصر امي في سوريا 
اللهم ارحم اطفالنا وامهاتنا وابائنا واخواننا في سوريا 

اطفالٌ وُلدوا على البراءة وتفاجؤوا بوحشية اهلها ولكنهم احتفظوا بها وابوا الا ان يموتوا عليها 
امي لا تحزني فأنا اطير بجناحاي في الجنة وسأكون شافعا لك ولأبي بإذن ربي

هذه المقالة اهديها لأمي في سوريا 

محبكم 
مالك علي